ومن خلالِ قراءةٍ معمّقةٍ لنصوصِ القرآنِ الكريمِ، يسبرُ (الدكتور محمّد مرتضى) أغوارَ السخريةِ بوصفِها سلوكًا نفسيًّا واجتماعيًّا معقّدًا، يكشفُ عن الرفضِ والخوفِ من التحوّلِ، ويُستخدمُ لتقويضِ الرموزِ الدينيةِ وتحطيمِ الهالةِ الروحيةِ من حولِها.
يُركّزُ المشروعُ على فهمِ عقليةِ المستهزئ، من خلالِ تحليلِ بنيةِ الخطابِ الساخرِ، وموقفِه من التغييرِ، والآلياتِ التي يستخدمُها للتشويشِ على الحقيقةِ الرمزيةِ. فالسخريةُ، كما يصوّرُها القرآنُ الكريمُ، ليست مجرّدَ ردِّ فعلٍ آنيٍّ على الرسالةِ، وإنّما استراتيجيةٌ متكرّرةٌ يتبنّاها المستكبرونَ والعوامُّ والمثقفونَ المزيَّفونَ، في محاولةٍ للهروبِ من المواجهةِ الفكريةِ.
في هذا الكتابِ دعوةٌ صريحةٌ لاستعادةِ الوعيِ الرمزيِّ، في زمنٍ أُديرتْ فيه معاركُ الإيمانِ بالكلماتِ والصورِ والضحكاتِ، وهو محاولةٌ لفهمِ المستهزئ بوصفِه خصمًا وكائنًا مأزومًا، يختبئُ وراءَ الاستهزاءِ؛ لأنَّه يفتقرُ إلى الشجاعةِ اللازمةِ للنظرِ في وجهِ الحقيقةِ.
التعليقات